الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البحر المحيط في تفسير القرآن العظيم (نسخة منقحة)
.تفسير الآيات (30- 39): {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33) وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (36) وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37) فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38) وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)}قال ابن عباس: نزلت في الصديق، قال المشركون: ربنا الله، والملائكة بناته، وهؤلاء شفعاؤنا عنده. واليهود: ربنا الله، والعزير ابنه، ومحمد ليس بنبي، فلم يستقيما، والصديق قال: ربنا الله وحده لا شريك له، ومحمد عبده ورسوله، فاستقام. ولما أطنب تعالى في وعيد الكفار، أردفه بوعيد المؤمنين؛ وليس المراد التلفظ بالقول فقط، بل لابد من الاعتقاد المطابق للقول اللساني. وبدأ أولاً بالذي هو أمكن في الإسلام، وهو العلم بربوبية الله، ثم أتبعه بالعمل الصالح، وهو الاستقامة. وعن سفيان بن عبد الله الثقفي، قلت للنبي، صلى الله عليه وسلم: أخبرني بأمر أعتصم به، قال: «قل ربي الله ثم استقم» قلت: ما أخوف ما تخاف علي، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان نفسه وقال: «هذا» وعن الصديق: ثم استقاموا على التوحيد، لم يضطرب إيمانهم. وعن عمر: استقاموا لله بطاعته لم يرو غواروا روغان الثعالب. وعن عثمان: أخلصوا العمل. وعن علي: أدوا الفرائض. وقال أبو العالية، والسدي: استقاموا على الإخلاص والعمل إلى الموت. وقال الثوري: عملوا على وفاق ما قالوا. وقال الفضل: زهدوا في الفانية ورغبوا في الباقية. وقال الربيع: أعرضوا عن ما سوى الله تعالى. وقيل: استقاموا فعلا كما استقاموا قولاً. وعن الحسن وقتادة وجماعة: استقاموا بالطاعات واجتناب المعاصي. قال الزمخشري: وثم لتراخي الاستقامة عن الإقرار في المرتبة وفضلها عليه، لأن الاستقامة لها الشأن كله، ونحوه قوله تعالى: {إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا} والمعنى: ثم ثبتوا على الإقرار ومقتضياته. وعن الصديق رضي الله عنه أنه تلاها ثم قال: ما تقولون فيها؟ قالوا: لم يذنبوا، قال: حملتم الأمر على أشده، قالوا: فما تقول؟ قال لم يرجعوا إلى عبادة الأوثان. انتهى.{تتنزل عليهم الملائكة}، قال مجاهد والسدي: عند الموت. وقال مقاتل: عند البعث. وقيل: عند الموت، وفي القبر، وعند البعث. وأن ناصبة للمضارع، أي بانتفاء خوفكم وحزنكم، قال معناه الحوفي وأبو البقاء. وقال الزمخشري: بمعنى أي أو المخففة من الثقيلة، وأصله بأنه لا تخافوا، والهاء ضمير الشأن. انتهى. وعلى هذين التقديرين يكون الفعل مجزوماً بلا الناهية، وهذه آية عامة في كل هم مستأنف وتسلية تامة عن كل فائت ماض، ولذلك قال مجاهد: لا تخافوا ما تقدرون عليه، ولا تحزنوا على ما خلفتم من دنياكم. وقال عطاء بن أبي رباح: {لا تخافوا} رد ثوابكم، فإنه مقبول؛ {ولا تحزنوا} على ذنوبكم، فإني أغفرها لكم. وفي قراءة عبد الله: لا تخافوا، بإسقاط أن، أي تتنزل عليهم الملائكة قائلين: لا تخافوا ولا تحزنوا. ولما كان الخوف مما يتوقع من المكروه أعظم من الحزن على الفائت قدمه، ثم لما وقع الأمن لهم، بشروا بما يؤولون إليه من دخول الجنة، فحصل لهم من الأمن التام والسرور العظيم بما سيفعلون من الخير.{نحن أوليائكم}: الظاهر أنه من كلام الملائكة، أي يقولون لهم. وفي قراءة عبد الله: يكون من جملة المقول قبل، أي نحن كنا أولياءكم في الدنيا، ونحن أولياؤكم في الآخرة. لما كان أولياء الكفار قرناؤهم من الشياطين، كان أولياء المؤمنين الملائكة. وقال السدي: نحن حفظتكم في الدنيا، وأولياؤكم في الآخرة. وقيل: {نحن أوليائكم} من كلام الله تعالى، أولياؤكم بالكفاية والهداية، {ولكم فيها}: الضمير عائد على الآخرة، قاله ابن عطية. وقال الحوفي: على الجنة، {ما تشتهي أنفسكم} من الملاذ، {ولكم فيها ما تدعون}. قال مقاتل: ما تتمنون. وقيل: ما تريدون. وقال ابن عيسى: ما تدعي أنه لك، فهو لك بحكم ربك. قال ابن عطية: ما تطلبون. {نزلاً من غفور رحيم} النزل: الرزق المقدم للنزيل وهو الضيف، قال معناه ابن عطاء، فيكون نزلاً حالاً، أي تعطون ذلك في حال كونه نزولاً لا نزلاً، وجعله بعضهم مصدراً لأنزل. وقيل نزل جمع نازل، كشارف وشرف، فينتصب على الحال، أي نازلين، وذو الحال الضمير المرفوع في يدعون. وقال الحسن: معنى نزلاً منا، وقيل: ثواباً. وقرأ أبو حيوة: نزلاً بإسكان الزاي.ولما تقدم قوله تعالى: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا}، ذكر من دعا إلى ذلك فقال: {ومن أحسن قولاً}: أي لا أحد أحسن قولاً ممن يدعو إلى توحيد الله، ويعمل العمل الصالح، ويصرح أنه من المستسلمين لأمر الله المنقادين له، والظاهر العموم في كل داع إلى الله، وإلى العموم ذهب الحسن ومقاتل وجماعة. وقيل بالخصوص، فقال ابن عباس: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، دعا إلى الإسلام، وعمل صالحاً فيما بينه وبين ربه، وجعل الإسلام نحلة. وعنه أيضاً: هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقالت عائشة، وقيس بن أبي حازم، وعكرمة، ومجاهد: نزلت في المؤذنين، وينبغي أن يتأول قولهم على أنهم داخلون في الآية، وإلا فالسورة بكمالها مكية بلا خلاف. ولم يكن الأذان بمكة، إنما شرع بالمدينة، والدعاء إلى الله يكون بالدعاء إلى الإسلام وبجهاد الكفار وكف الظلمة. وقال زيد بن علي: دعا إلى الله بالسيف، وهذا، والله أعلم، هو الذي حمله على الخروج بالسيف على بعض الظلمة من ملوك بني أمية. وكان زيد هذا عالماً بكتاب الله، وقد وقفت على جملة من تفسيره كتاب الله وإلقائه على بعض النقلة عنه وهو في حبس هشام بن عبد الملك، وفيه من العلم والاستشهاد بكلام العرب حظ وافر، يقال: إنه كان إذا تناظر هو وأخوه محمد الباقر اجتمع الناس بالمحابر يكتبون ما يصدر عنهما من العلم، رحمهما الله ورضي عنهما.وقال أبو العالية: {وعمل صالحاً}: صلى بين الأذان والإقامة. وقال عكرمة: صلى وصام. وقال الكلبي: أدّى الفرائض. وقال مجاهد: هي عامة في كل من جمع بين هذه الثلاثة أن يكون موحداً معتقداً لدين الإسلام، عاملاً بالخير داعياً إليه، ومآلهم إلى طبقة العالمين العاملين من أهل العدل والتوحيد الدعاة إلى دين الإسلام. انتهى، ويعني بذلك المعتزلة، يسمون أنفسهم أهل العدل والتوحيد، ويوجد ذلك في أشعارهم، كما قال ابن أبي الحديد المعتزلي، صاحب كتاب (الفلك الدائر في الرد على كتاب المثل السائر)، قال من كلامه: أنشدنا عنه الإمام الحافظ شرف الدين عبد المؤمن بن خلف الدمياطي رحمه الله تعالى:{وقال إنني من المسلمين}: ليس المعنى أنه تكلم بهذا، بل جعل الإسلام معتقده. كما تقول: هذا قول الشافعي، أي مذهبه. وقرأ ابن أبي عبلة، وإبراهيم بن نوح عن قتيبة الميال: وقال إني، بنون مشددة واحدة؛ والجمهور: إنني بها وبنون الوقاية. وقال أبو بكر بن العربي: لم يشترط إلا إن شاء الله، ففيه رد على من يقول: أنا مسلم إن شاء الله. ولما ذكر تعالى أنه لا أحد أحسن ممن دعا إلى الله، ذكر ما يترتب على ذلك من حسن الأخلاق، وأن الداعي إلى الله قد يجافيه المدعو، فينبغي أن يرفق به ويتلطف في إيصال الخير فيه. قيل: ونزلت في أبي سفيان بن حرب، وكان عدوًّا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فصار ولياً مصافياً. وقال ابن عباس: الحسنة لا إله إلا الله، والسيئة الشرك. وقال الكلبي: الدعوتان إليهما. وقال الضحاك: الحلم والفحش. وعن علي: حب الرسول وآله وبغضهم. وقيل: الصبر والنفور. وقيل: المداراة والغلظة. وقيل: العفو والاقتصاد، وهذه أمثلة للحسنة والسيئة، لا على طريق الحصر.ولما تفاوتت الحسنة والسيئة، أمر أن يدفع السيئة بالأحسن، وذلك مبالغة، ولم يقل: ادفع بالحسنة السيئة، لأن من هان عليه الدفع بالأحسن هان عليه الدفع بالحسن، أي وإذا فعلت ذلك، {فإذا الذي بينك وبينه عداوة} صار لك كالولي: الصديق الخالص الصداقة، ولا في قوله: {ولا السيئة} زائدة للتوكيد، كهي في قوله: {ولا الظل ولا الحرور} لأن استوى لا يكتفي بمفرد، فإن إحدى الحسنة والسيئة جنس لم تكن زيادتها كزيادتها في الوجه الذي قبل هذا، إذ يصير المعنى: ولا تستوي الحسنات، إذ هي متفاوتات في أنفسها، ولا السيئات لتفاوتها أيضاً. قال ابن عطية: دخلت كأن للتشبيه، لأن الذي عند عداوة لا يعود ولياً حميماً، وإنما يحسن ظاهره، فيشبه بذلك الولي الحميم، وعن ابن عباس: {بالتي هي أحسن}: الصبر عند الغضب، والحلم عند الجهل، والعفو عند الإساءة.وقال مجاهد، وعطاء: السلام عند اللقاء. انتهى، أي هو مبدأ الدفع بالأحسن، لأنه محصور فيه. وعن مجاهد أيضاً: أعرض عن أذاهم. وقال أبو فراس الحمداني: {وما يلقاها}: الضمير عائد على الفعلة والسجية التي هي الدفع بالأحسن. وقرأ طلحة بن مصرف، وابن كثير في رواية: وما يلاقاها: من الملاقاة. وقرأ الجمهور: من التلقي، وكأن هذه الخصلة الشريفة غائبة، فما يصادفها ويلقيها الله إلا لمن كان صابراً على الطاعات، صارفاً عن الشهوات، ذا حظ عظيم من خصال الخير، قاله ابن عباس، فيكون مدحاً؛ أو {ذو حظ عظيم} من ثواب الآخرة، قاله قتادة، فيكون وعداً. وقيل: إلا ذو عقل. وقيل: ذو خلق حسن، وكرر {وما يلقاها} تأكيداً لهذه الفعلة الجميلة الجليلة. وقيل: الضمير في يلقاها عائد على الجنة. وحكى مكي: {وما يلقاها}: أي شهادة أن لا إله إلا الله، وفيه بعد.ولما أمر تعالى بدفع السيئة بالأحسن، كان قد يعرض للمسلم في بعض الأوقات مقابلة من أساء بالسيئة، فأمره، إن عرض له ذلك، أن يستعيذ بالله، فإن ذلك من نزغ الشيطان، وتقدم تفسير نظير هذه الآية في أواخر الأعراف.ولما بين تعالى أن أحسن الأعمال والأقوال هو نظير هذه الآية الدعوة إلى الله، أردفه بذكر الدلائل العلوية والسفلية، وعلى قدرته الباهرة وحكمته البالغة وحجته القاطعة، فبدأ بذكر الفلكيات بالليل والنهار، وقدم ذكر الليل، قيل تنبيهاً على أن الظلمة عدم والنور وجود، وناسب ذكر الشمس بعد النهار، لأنها سبب لتنويره ويظهر العالم فيه، ولأنها أبلغ في التنوير من القمر، ولأن القمر فيما يقولون مستفاد نوره من نور الشمس. ثم نهى تعالى عن السجود لهما، وأمر بالسجود للخالق تعالى. وكان ناس يعبدون الشمس، كما جاء في قصة بلقيس وقومها. والضمير في {خلقهن} عائد على الليل والنهار والشمس والقمر. قال الزمخشري: لأن حكم جماعة ما لا يعقل حكم الأنثى، أي الإناث، يقال: الأقلام بريتها وبريتهن. انتهى، يريد ما لا يعقل من الذكر، وكان ينبغي أن يفرق بين جمع القلة من ذلك، فإن الأفصح أن يكون كضمير الواحدة، تقول: الأجذاع انكسرت على الأفصح، والجذوع انكسرن على الأفصح.والذي تقدّم في الآية ليس بجمع قلة، أعني بلفظ واحد، ولكنه ذكر أربعة متعاطفة، فتنزلت منزلة الجمع المعبر عنها بلفظ واحد. وقال الزمخشري: ولما قال: {ومن آياته}، كن في معنى الآيات، فقيل: {خلقهن}. انتهى، يعني أن التقدير والليل والنهار والشمس والقمر آيات من آياته، فعاد الضمير على آيات الجمع المقدر في المجرور.وقيل: يعود على الآيات المتقدم ذكرها. وقيل: على الشمس والقمر، والاثنان جمع، وجمع ما لا يعقل يؤنث، ومن حيث يقال شموس وأقمار لاختلافهما بالأيام والليالي، ساغ أن يعود الضمير مجموعاً. {إن كنتم إياه تعبدون}: أي إن كنتم موحدين غير مشركين، والسجدة عند الشافعي عند قوله: {تعبدون}، وهي رواية مسروق عن عبد الله لذكر لفظ السجدة قبلها، وعند أبي حنيفة عند قوله: {لا يسأمون}، لأنها تمام المعنى، وفي التحرير: كان علي وابن مسعود يسجدان عند {تعبدون}. وقال ابن وهب والشافعي: عند {يسأمون}، وبه قال أبو حنيفة، وسجد عندها ابن عباس وابن عمر وأبو وائل وبكر بن عبد الله، وكذلك روي عن مسروق والسلمي والنخعي وأبي صالح وابن سيرين. انتهى ملخصاً.{فإن استكبروا}: أي تعاظموا على اجتناب ما نهيت من السجود لهذين المحدثين المربوبين، وامتثال ما أمرت به من السجود للخالق لهن؛ فإن الملائكة الذين هم عند الله بالمكانة والرتبة الشريفة ينزهونه عن ما لا يليق بكبريائه، {وهم لا يسأمون}: أي لا يملون ذلك، وهم خير منكم، مع أنه تعالى غني عن عبادتكم وعبادتهم. ولما ذكر شيئاً من الدلائل العلوية، ذكر شيئاً من الدلائل السفلية فقال: {ومن أياته أنك ترى الأرض خاشعة}: أي غبراء دارسة، كما قال: استعير الخشوع لها، وهو التذلل لما ظهر بها من القحط وعدم النبات وسوء العيش عنها، بخلاف أن تكون معشبة وأشجاراً مزهرة ومثمرة، فذلك هو حياتها. وقال السدّي: خاشعة ميتة يابسة، وتقدّم الكلام على قوله: {فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت} تفسيراً وقراءة في أوائل سورة الحج. {إن الذين أحياها لموحي الموتى}: يرد الأرواح إلى الأجساد، {إنه على كل شيء قدير}: لا يعجزه شيء تعلقت به إرادته.
|